الأحد، 31 مارس 2019

نفحات من الشعر الشعبي 2

نفحات من الشعر الشعبي2


الشعر هو لغة النفس والعواطف ونبضات القلب وإحساس الوجدان وهو ابو الفنون وارقاها واجل الآداب واعلاها وهو نغمة الأشجان وموسيقى الغناء وسلوة الولهان ومناجات الاحباب وهو حياة الشعوب وسر نهضتها وأدب الناس وصحيفة اخلاقهم وفيه اغراض كثيرة واسرار جميلة وسواء كان فصيح او شعبي

الشعر الشعبي

هو الشعر الذي يستمد كلماته والفاظه وطريقة ادائه ومعانيه من الحياة العامه.
وهو الادب الصادق الذي يخرج من الروح الشاعرة في صورة كلمات فهو ينبع من دافع طبيعي ومن المشاعر الفطرية التي تعيش داخل الانسان.

أهمية الشعر الشعبي

للشعر الشعبي بخصائصة وآلوانه المتعددة مكانة متميزة ودور كبير في التكوين الثقافي للشعوب حيث يمثل أهم مصادر ثقافتها ويعتبر مرجعاً رصيناً لتاريخها ومرتع خصب لألوان كثيرة من فنونها التي تعتبر مخزون عريق لثقافة الأجداد وتبث مختلف القيم والأمثال في نفوس الأحفاد

وقد حظي الشعر الشعبي بإهتمام كبير لدى الإنسان اليمني كونه يعد تعبير راقي عن سجايا وجدانه وخصال موروثه العريق ودلائل تاريخه الأصيل

ويعد الشعر الشعبي من أهم ركائز الثقافة الشعبية وكان ولايزال هذا اللون الأدبي الأكثر إنتشاراً بين الناس والأقرب الى نفوسهم حيث استطاع الغوص في اعماقهم والنفاذ الى ضمائرهم والتسلل الى أدق حياتهم ويعتبر صدى لهمومهم وتطلعاتهم وصورة حية لواقعهم المعاش .

نفحات من الشعر الشعبي2

في رحلتنا الثانية من نفحات الشعر الشعبي اخترنا للقارىء الكريم نماذج من القصائد لشعراء شعبيين ينتمون الى ارض تشمخ جبالها حيث تتكىء عليها النجوم وتمتد سهولها حتى تتعب اسفار العيون في اجوائها ارض توحي الشعر ودواعيه بتقلباتها اذ لاقت الحس الشاعري الاصيل لأن منبع الشاعرية منتزع من تقلب النفوس وتغيرات الاطوار والاحوال من حولها
هذه الارض التي تسمى اليمن كماوصفها الاديب الكبير عبدالله البردوني


(طقوس الشعر )

قصيدة للشاعر صالح محمد بن كاروت من ابناء محافظة البيضاء مواليد 1962م يحظى بشعبية كبيرة من خلال شهرته بقصائد البدع والجواب مع مجموعة كبيرة من شعراء اليمن وله عدة دوواين تحت الطبع. والمجال لايتسع لسرد سيرته الذاتية وما قدمه خلال مسيرته الادبية وقد اخترت احدى القصائد من ديوانه الموثق بصفحات منتدى المجلس اليمني
ومن خلالها نجد الشاعر يهيم بالشعر ويحلق في فضاءه الرحب حباً وانتماء وتترنم في فؤادة طقوس الشعر وتعزف اجمل انغامها فوق شرايينة التي تجري بها معاني الادب الراقيه فتطرب القلب وتبهجه .

قـال إبـن كـاروت فـي بـحـرِ الأدب مُـغـرم
مـن مـطلـع الـعمـر فـي مـنظـومـته عوّام

أحــس بـالـشعـــر نـحـوي دائـمـاً يـزحـم
سَكــن فــؤادي وانــا سِـنّـي "11"عـــام

ولــي طـمـوحات نـحـو الـمـجــد أتـقـدم
ولــي أمـانـي ولـي مـثل الـبشــر أحـلام

طـمـوح يـجـتاز ظـهـر الـيـابــسة والــيـَم
غـايـة مـرامـي احـقـق افـــضل الأرقـــام

عـبر الـفضاء أرتقي في شعري الـمـُحـكـم
حـتـى الآمـس مـشارف أبــعـد الأجـــرام

دلــيـل وأضـــح يــؤكـد إنــنـي مــهـتـم
حـتى ولـو كـنـت مـتـواري عــن الإعــلام

بــل أنـنـي قـمت بـالـواجـب ولـم أســئـم
أوصـلت شـعـري إلـى الـجـمهـور والحُـكّام

أغــوص فــي بـحـره الـملـجـوج وأتـعــلـم
نـظــم الـقـوافـي وحـكـم الـوزن والإلـمـام

أتُــــوُق لـلـشّعر مـثـل الـعـاطـش ألأحّــوم
وأرتــــوي مِــنّــه الإبـــــداع والإ لــهــام

وأعـشـقه مــثل عـشـق الـعاشـق الأهــــيم
أنـحـت حــروفــه وثـبّـتهـا عـلـى الأكـــــام

أشـعــــر بـصـخر الـجـبل بـالـهـمس يــتكــلم
ويــرتـشـف مـن سـوائـل ريــشـة الــرســّام

مـن روعـة الـشعــر وجـه الصـخـر يــتـبســّم
يـحـرّك الأ فـــئــــدة مــن داخــل الأجـــسام

وانــا بــــــلا شـــك واحـــد مــن بـنــي آدم
أمـلك أحـاسيس لا تــوجـد بـبـعـض أقــــوام

وفــي فــؤادي طـقـوس الـشـعــر تــتـرنــم
فــوق الـشـرايـين تــعـزف أجـمـل الأنـــغـام

أنـــغـام يـجــري صـــداها فــي عـروق الــدم
تـخـلص ألأنـسـجـة مــن آفــة الأســــــــقـام

وتـشـــرح الـصـدر مـن ضـيـق المــلل والـهــم
تــدخـِل الـى الـقـلـب والـنـفس السـرورَ الــتآم

*معشوقة الباهوت*

ابيات من قصيدة للشاعر هلال احمد المرادي من مواليد1977م محافظة ذمار موطن الادب ومرجعية الثقافة وصوت الفن
في هذه القصيدة التي حملت تنويعات شعرية وبلاغية يتنقل المرادي بدراية وتمكن بين تشبيه وكناية وتلميح وتصريح وغيرذلك من فنون الإبداع ليرسم للقارىء لوحة يصور فيها حسن اسطوري وجمال فاتن من خلال مفردات متفردة لتجسد كائن فتنته مدهشه وصفه في خياله وعند اطلاعنا على جوهر المعنى وجدنا صاحبة الجمال الاسطوري البديع على ارض الواقع وهي تستحق هيام الشاعر وولعه بها وشغفه بتفاصيلها الساحرة


الى تلك التي من حسنها تستعجم القيفان
وتنهار الجُمَل والحرف يتوقف دَهِش مبهوت

الى تلك التي تعبد هواها ريشة الفنان
 وتلهَج بِسْمها بِيض الورق ويْسَبّح البَيْلوت

الى تلك التي في بحر عِشْقَتها خُلُقْت انسان
ويوم اضناني البُعْد اكتشفت اني مجرّد حوت

اشُقّ امواجها واثور فيها ثورة البركان
 ولو فارقتها ساعة اموت لأجلها وافوت

الى شمس الضحى بدر الدجى غصن القنا الريّان
 الى تلك التي تحكم قلوب الناس بالريموت

الى تلك التي ضمّت معاني فنّها الافنان
خَذَت من كل حلو احلاه واستغنت عن الممقوت

هوى البلبول وغْرور الخيول وْخفة الغزلان
 وزَنْط الرّيم وهْيام الحمام وْرِقّة الكتكوت

الى طِيْب الخزامى نفحة الكاذي شذا الريحان
 حلات الشهد ، طَعم الشوكلاته ، لذّة البسكوت

الى حَبّ العنَب لُبّ الانانس زهرة الرمّان
 حلات التّمْر ، ذَوق المشمش الطازج ، عصير التوت

اليها اْقُول كلمة واحدة ماشي لها عنوان
 سوى العشق الذي تستاهله معشوقة الباهوت

لذلك لا تصدّي عن سبيل العاشق الولهان
 سبيل الواله اللي في سبيلش ما تهنّا قوت

وهذا اليوم جا ينظُم عقود اللول والمرجان
 ويطلِق في فضا شعره عنان احساسه المكبوت

الى السلطانة اللي ما على سلطانها سلطان
  الى اللي غار تحت اقدامها الكُهّان والكهنوت

الى قيثارة الإلهام والإحساس والوجدان
 وسمفونية المخطوط والمنقوش والمنحوت

الى أُم اليمن صنعا الحبيبه دُرّة الاوطان
 الى اللي فدْوَها فجّرت لُغْم احساسي الموقوت

يا مسافر على يافع

ومن قبيلة يافع التابعة لمحافظة لحج القبيلة اليمنية المشهوره بموروثها التاريخي والثقافي والتي يعانق السحب شموخ جبالها ويفوح من سفوحها عبق البن اليافعي وتزهو دورها ومبانيها بالفن المعماري الفريد اخترنا منها الشاعر عبدالله صالح المشألي مواليد 1975م مغترب خارج الوطن من ابرز الشعراء الذين ذاع صيتهم في ميدان المساجلات وله سجل حافل بالقصائد المتعدده اغراضها وتغنى الكثير من المبدعين بكلماته ومنها اخترت هذه القصيدة والحنين الى الوطن يتصدر قائمة شجون الشاعر وهمومه

يا مسافر على يافع طريق السلامة
بلّغ احباب قلبي يا مسافر سلامي

قالوا الحُب نظرة أوّله وابتسامة
يصعب الوصف والتعبير،، يعجز كلامي

ساجي الطرف ذي صوّب عليّا سهامه
حسب قول العرب رمّية ومن دون رامي

شوق قلبي لها شوق العطش للغمامة
كل ساعة وانا شوف الحبيبة أمامي

ليتنا طير مثلش بالهوى يا حمامة
نفسي اسري لمحبوبي بجنح الظلامي

ماعلى من عشق مثلي عتب أو ملامة
ذي نهب خاطري والروح عاشق "حرامي"

ماجزاء من جرح عشق الحبايب صيامه
كلما صمّت عشق الزين يجرح صيامي

سيف بن ذو يزن مجنون بالست شامة
(شامة الحميرية) غير كل "الأسامي"

بنت لجواد من صُلب الشرف والشهامة
قاضي الحُب وكلنّي عليها مُحامي

فارس أحلامها لما تقوم القيامة
راجي الله يحسّن في هواها ختامي


ساجي العين

ابيات للشاعر ناصر صالح زيد الذيب مواليد 1977م من محافظة إب ذات البساط السحري الاخضر حيث يداعب النسيم ازهار الورود فيفوح عطرها في ارجاء جهاتها الاربعه
والشاعر بأبياته يعبر عن اجمل قصة في حياته رسم بدايتها بخياله واكتملت حقيقتها على ارض الواقع

ساري الليل قال الذيب سرحان ياليت
عندما اشتاق في لحظة تهل الأماني

طالما همت في سحر الغواني وحبيت
لازم اشرح ولي قصة بحب الغواني

كم تعذبت لأجل الزين بالحب وابليت
عندما الله في حبه وحسنه بلاني

باهي الخد ذي شفته بعيني ومريت
ساجي العين في نظرة عيونه رماني

قلت يازين دليني على الأهل والبيت
أشرت لي وكان الصمت سيد مكاني

جيت والدار دار العز ذي فيه ظليت
وان ابوها يقولوا له فلان الفلاني

رحبوا بي وبالترحيب للقوم لاقيت
واكرموني و بالتكريم زاد امتناني

قلت يا شيخ لي مطلب وسرعة تحاكيت
اشتي البنت لأجل البنت قد جيت عانى

قال يا ذيب ما تطلب من العين شليت
انت لك قدر في قلبي رفيع المعاني

جات نوره وباسم الله يا قوم سميت
حورية زانها الرحمن في خلق ثاني

حصن ريمان ذي شامخ وحوله تربيت
وكر ابو زيد من فوق الحيود الزباني

حفل رسمي وبعد الحفل واصل تهنيت
والسلا في مقام الود جدد زماني

مناجاه

من محافظة شبوه اخترنا احد شعراءها المتميزين وهو الشاعر علي ناصر باعوضه مواليد عام 1981م في اغلب قصائده يفوح من بين سطورها صفات البداوة الراقية ومعالمها الاصيله وقد اخترت هذه الابيات التي تجسد الحكمة في ابها صورها وايضاً النصيحة لكل بني البشر

دق باب الرجاء يا اللي من الوقت مضيوم
الله اللي يجيب العبد لا من ترجاه

فارج الهم يسمع كل داعي ومظلوم
هو كريم العطاء يعطي عطايا لمن جاه

اقصده والامل بالله مايجلب اللوم
مايضيع الذي لاقام فالليل، ناجاه

واذكره كل ساعة واركع ببابه وصوم
من توجه وصلى له من الشر نجاه

والندم مايفيدك لاقد السيف مثلوم
والقدر لاحضر ماشي من الله يحجاه

اقتنع بالذي من خالقك جاك مقسوم
واحمده لاعطاك الأبن والمال والجاه

واحذر الموت لايأتيك في لذة النوم
كم مأمل يعيش اسنين والموت فاجاه

كانت تلك اختيارات خاطفة من صفحات الشعراء ودياوينهم وهي ليست اجود ما كتب هؤلاء المبدعين ولكنها لفته واهتمام بنجوميتهم كونهم جميعاً شعراء معاصرين وقد تختلف امكانية كل شاعر عن الآخر ويجب ان تلقى ابياتهم من يختارها لكي يروا انفسهم في مرايا غيرهم وهذا ما تهدف اليه النفحات وفيما يخص الادب الشعبي عبر الازمنة المتعاقبة فهو يزخر بكوكبه من الشعراء جيلاً بعد جيل ولابد ان نعود اليهم وبالذات من لم ترى النور ابياتهم الا في محيط محدود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر أحمد عمر مكرش

 #قصيدة_وشاعر  #الشاعر_أحمد_عمر_مكرش #مجلة_أقلام_عربية العدد (96) ديسمبر 2024م إعداد وليد المصري  الشاعر أحمد عمر مكرش، مواليد عام 1938م بقر...