الأحد، 31 مارس 2019

نفحات من الشعر الشعبي 1

نفحات من الشعر الشعبي (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشعر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال ان الشعر هو ديوان العرب لأنه يضم معارف كثيرة عن حياتهم ومعايشهم وحوادثهم ومواقعهم وتاريخ بلادهم واساطيرهم واخلاقهم وسجاياهم وصفاتهم وامثله كثيرة لاتعد ولا تحصى مرتبطة بشخصية الانسان العربي وموطنه وعقيدته ومعتقداته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشعر الشعبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن خلال بحثي المستمر عن الشعر الشعبي والذي يتميز بانتشار واسع وقبول كبير لدى الشعب اليمني وقد نجح في مراحل مختلفة في تغيير مفاهيم الشعب وتنويره ازاء قضايا متعددة سياسية واجتماعية حيث كان له حضور قوي في افراح الشعب وأتراحه وسلمه وحربه وهو جزء من الحياة العامة لا يغيب في أي مناسبة ويعالج كثير من القضايا المعقدة .
ومن خلال بحثي عن هذا اللون من الشعر أطلعت واستمعت على ما استطعت الوصول اليه من الروائع التي تميزت واشتهر بها الشعراء وقد تختلف إمكانياتها من شاعر لآخر بحسب القضية او الموضوع الذي يتم تناوله بما يلبي رغبة المتلقي والمتذوق ويخدم شريحة واسعة من المجتمع كترويح عن النفس من ما يزعجها ويكدر صفوها وقد تتأثر القصيدة الشعبية بعامل الزمان والمكان وخصوصية البيئة وظروف الحياة والثقافة ونفسية الشاعر ويعتبر الإعلام هو الوسيلة الاساسية التي يربط بين الشاعر وجمهور الشعر وكم يوجد من شعراء ابداعاتهم لم ترى النور بسبب غياب الوسيلة او عدم توفرها والاغلبية مغمورين بسبب عدم الاهتمام بما يسطروه الا من حالفه الحظ .

نفحات من الشعر الشعبي (1)

في هذه النفحة أخترت شاعر عرفته انا وغيري عبر أبياته التي انتشرت من خلال أشرطة الكاسيت وأول ما وصلني كان عام1998م عندما كنت طالب في الثانوية العامة رغم ان حضوره جماهيراً كان من بداية التسعينات وبدأت اتابع له كل جديد وتمنيت أن التقيه او احصل على مجموعة من قصائده مكتوبة ورغم المسافة التي ليست بعيدة بين منطقتنا ومنطقته إلا ان المحاولات لم تنجح رغم تواصلي به عام2007م عبر الجوال اثناء الاعداد للملتقى الاول لشعراء الشعبيين والذي اقيم في صنعاء نفس العام شهر اغسطس .
ولذا سأختار نماذج بسيطة من بعض ما استمعت إليها والتي تميز الشاعر الكبير صالح بن مقبل السوادي في لحنها واذاعتها بصوته العذب عبر تسجيلات الكوماني التاريخية والتي لازال صداها يرن في مسامعنا وقد قدمت هذه المبادرة آملاً ان نجد من يوصلنا الى الشاعر وما جادت به قريحته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشــــــــــــــــاعر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستاذ / أحمد عبده بيضان
أبــو وضـــاح
قرية / المنزل
عزلة / بني منبه
مديرية/ يريم
محافظة / إب
شاعر ذاع صيته في مناطق عديدة من الوطن من خلال قصائده التي تداولها عشاق الشعر ومتذوقيه عبر ما كان يصدر له من قصائد مغناه من تسجيلات الكوماني – محافظة ذمار بصوت الشاعر المبدع صالح مقبل السوادي

اغلب قصائدة كانت تناقش القضايا التي عانت منها المنطقة من الحروب الأهلية والخلافات التي راح ضحيتها خيرة الرجال وقصائد أخرى وطنية وعربية ومساجلات مع شعراء آخرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نماذج من قصائده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سوف نبتدئ بهذه القصيدة التي لم يشملها الاختصار لتكون فاتحة لنماذج تم اختيارها ليس لأنها اجمل ما كتب الشاعر، ولكن رمزيات احتفاء بشاعر لم يعرف التكلف والتصنع في ما تجود به قريحته.

يـ الله يا قابـل التـوبــة مــن التـايـب
يا جالي الهـم فـرج كربـة المكـروب

أسالك اغفـر ذنوبـي قـال ابو غــالـب
وما بقي من حياتـي سهـل المطلـوب

خيــر الأمــور التي قلبـي لهـا راغـب
أعيش مع الناس لا غالب ولا مغلوب

عجائـــــب الوقـت قلبـي منهـا تاعـب
مدري من الوقت هذا حسد اولا حـوب

كل مـــا تجاوزت جانب عاد من جانب
واهل المصالح لهم في كل يوم اسلوب

إن شي على ما يحبوا شورهم صائب
والا فـبـــا يقـروا الــقـرآن بالمقلـوب

من بعد ما شفت قـد ميزانهـم خـارب
غلقت بابـي وعادهم فاتحيـن البـوب

والقبيلة عجـزت قـد رأساهـا شايـب
ضاعت عصاها وعاد احقاوها مسلوب

من عندمـا فلتـت للحبــل ع الغـارب
لاحد ذ الحين جالـس فمهـا معصوب

عديم الإحساس فـوق اكتافهـا راكب
يسوقها حيث ما يصفى له المشروب

من بعض الأصحاب كم لي منهم هارب
ولا دريت أكــمـل الــمـشـوار اولا اتـوب

أخرجت رأسي وعد نصف ارجلي حانب
وان جيت أزوع ارجلي يوجعني العرقوب

ما بيـنّـــا البيـن كـان الـرأي مــتـقـارب
واليوم قــد عينـوا مـا بــينّــا منـدوب

وصاحــبـي ذي تقفانـي وانـا غائب
اظن ماشـي مــعـه بالقبيلـة ذربـوب

بطني نظيفة علـى بلعومهـا حاجـب
ما تأكل إلا من الـزاد الـذي مرغـوب

ما قمت به أو عملته جزء من واجـب
لا له مقابل ولا فـي دفتـري محسـوب

وفـاء وتقديـر للمخطـوب والخاطـب
لا أنا ولا حـد غيـري يمنـع المكتـوب

طبعي زماني لـكـل النـاس متجـاوب
لا اذل نفسي ولاعن صاحبي محجوب

حلت وضلت عراضي وجعة الصاحـب
أن ما تناسيتهـا يظهر لــهـا شنغـوب

أدخلني التلـم وانـا كنـت بالـشــاجـب
خلاني امشي وانا من بعضهم مـزروب

ماعد معي نفس اراجع نائب النائب
ولا سمح لي ضميري أكشف الملعـوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من قصيدة مشهورة اخترت بعض الابيات وقد توجهت القصيدة لأحد القيادات التي كانت تشرف على حلول بعض المشاكل القبيلة وكان يحصل نوع من المماطلة و اللامبالاة وعدم مصداقية الوعود مما يسبب في توسعة دائرة الخلاف بين الفرق المتخاصمة .
يقول في بعض ابياتها:–

ما كنت ابى صنعــــــاء ولا نفسي لصنعاء هاويه
المنزل احسن لي من التحرير واجمل من شعوب

إحنا خرجـنـــــــــــا منها يوم كانــــت الغوجانية
يوم كل مَن مِن بندقة يرمي على الثاني سنوب

ماكنت شي مجبور في نقـــــل الدفاء والمانيه*
لا غير قلنــا أو عسى نسلم من اوجاع القلوب

الى أن يقول

واهل المصالــــــــح يدعمونا في إبر ميدانـية
البعض منها بالعضل والبعض نشربها شروب

جعلـــــــوا قضيتنا مــــن اولها مسائل عاديه
حتى توغلنا وهبـــــــــوا حول فصال الجيوب

وقال ايضاً

الكوفية غطت علينا لا سقـــــــــــاها كوفية
الناس تصعد للعلا واحنا نتائجنــا رسوب

السلبية متوفــــــــــــــرة اكثر من الإيجابية
لا القبيلة تنفع ولا من يردع العاصي يتوب

لا ابتــــــدائية بنينـــــــاها ولا إعـــــدادية
إلا تخلف مزدوج قائـم على اركانه وثوب

ويختمها

وازكى تحياتي لمن حب استمـــــاع القافية
والمعذرة إن شي خطأ ماكان شي قلبي رغوب
ــــــــــــــــــــــــ
* المانيه : يقصد بها الأدوات المنزلية
ــــــــــــــــــــــــ
قصيدة أخرى للشاعر احمد عبده بيضان تعبر بما فيها

ابو على قال يا نفســــــي فــــلا
تحملي كيفما كــــــان الحمـــول

كنتي على حق وإن كنتي عـلى
باطل فانا ما تعديت الاصــــول

انسي همومش وسيري بـ الدلا
وخلّي الحكم لأصحاب العقـول

قالت هـــــو انته وقد كنا حــلا
أتعبتني في طلـــوعك والنزول

لا كنت اقلك قــــــد الدلو امتلا
تلومني او تقــــول انـتي كسول

واصبحت منك بعيـــده لا صلا
وكلــــــــمتي مالها عنـدك قبول

يا نفس لا عــد تلوميــــــني ولا
لومــــــش* تعالي نفكر بالحـلول

الناس مـا مـنهــم غيــــر البلاء
لا غيّب ابليس دقـــــوا بالطبول

والبعض لا حوزقت* يتمـــــهلا
والبعض ما يمهلك لامــــا تبـول

وبعضهم لا سمــــــــــع يتعقلا
وبعضـــــهـــم يقلب الناقه ذلـول

والبعض بـ أهل المروة يبــخلا
وللمظاهر يذبّحها فـحـــــــول

ومن بحـــق الصداقة يجــــــهلا
لا تحسبه في خروجك والدخـول

والجيـــــد لا ادنيت له يتجملا
والشوم* لا ادنيت له زاد الفضول

يا بــو علــي بالكـــــريم اتوكلا
وانا معك مستعــــــده للمــــثول

زرعـــت والبــــــر* قد كان اختلا
نزفت ماء العَرق مثــــل السيـول

باهيــت فـــــي طلعته عنـد الملاء
حســبت اني بلغت الارض طـول

عديت للبــــر لا وقت الغــــــلاء
لكــــــن ذحل وعاده في السبـول

ختمت قولي وعـــــــد كان اطولا
ذكـــــــرت فيه النشامى والفسـول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
لومش – من اللوم والعتاب
حوزقت – اشتدت
الشوم – الشخص السيء
البر – القمح
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــ
وهنا اخترت مقطوعة من مساجلة بينه وبين الشاعر صالح مقبل السوادي والمساجلة طويلة كان في فصلها الأخير مايلي :–

واستشيرك بقصة صاحبي ذي عصاني
لا ذكرته تزايــــــد وســـــط قلبي حنينه

باعني بأرخـــص القيمة وحطم كياني
بعد ما ذقـــــــت كأس المر قدام عينه

سابني كـــن ما اريته ولا قد رآني
قطع الحبل ما بقى من الحبــل سينه

ذلني يـــــوم ربي في هواه ابتلاني
يا غبين الذي مثلـــي وقع يا غبينه

بعد غيبة طويلة عاد بأسلوب ثاني
يعتقد ان انا لازلت اصدق يمينه

عاد لا مطرحه من بعد فوت الأواني
ضاع خيط الأمل ذي كان بيني وبينه

يا ضياء هات من عندك مئة بندقاني
من وجيه القبائل والرجال الزكينه

يسمعوا مني الدعوى على ذي جفاني
باشرح الواضحة والغامضة والدفينة

حدد الوعد وانا منتظـــــر بالثواني
لا تسهل بموضــــوعي ولا تستهينه

بلغوا صاحبي يحضـــر يناقش بياني
بعد ما تأخذوا منـــــــي ومنه رهينه

ــــــــــــــــــــــــ
وقد كان جواب الشاعر صالح مقبل السوادي على الشاعر احمد عبده بيضان وعلى نفس الموضوع
ــــــــــــــــــــــــ

صاحبك ذي عصا امرك وطاع الشواني
لا تخونه بتخمينـــــــــــك ولا تستخينه

ذي ربكني وخلانـــــــــي فقدت اتزاني
ثاني اكسيد كربونك ونـــوع اكسجينة

صاحبك فـــــان وانته فان والكل فاني
يا غباء من بسوء الظن ضيع ضنينه

يا صفي قبل ما تطلب مئة بندقاني
للوساطة مطالب في الحروف الرزينة

صاحبك عضو في شمسي اولا حصاني
وضح الاسم والعنــــــوان من أي طينه

وان هو يا صفي جني لييش امتحاني
حكم الجن والمنهى صــــــــياد اللعينة

يا غنادير وادي الدور شمس السواني
التقت بالقمر في دمت بعــــــد العدينه

من شرب في صياني عاج وإلا صياني
نفسه اولى وهو اخبر بعاجه وصينه
ــــــــــــــــــــــــ
انا كمستمع ومتابع للشاعرين لم اقتنع بالرد على ما تم طرحة في البدع ويضعني امام اختيارين إما وأن السوادي لم يفتهم له مقصد الشاعر بيضان او ما يرمي اليه وقد كانت ابياته معبرة عن ذلك.
أو ان تناول الموضوع سوف يثير مشكلة اكبر من الحاصلة وبذلك تجنب الجواب الخوض فيها ويتركها للمستمع مبهمة بين الجن والأنس.
ــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــ
 وهنا إختيار مختصر من مساجلة طويلة بين الشاعر احمد بيضان وابن عمة محمد محمد بيضان والتي حملت مواضيع متعددة كان في مقدمتها

أبوعلي قال الفتى ما دهنه إلا من لبن
ولا تقدر نعمته إلا بيوت النافحين

غبني على من ضاق حاله واوجعه قلبه وأن
إن صاح ماحد صدقه وان قال يسكت لـ أي حين

والقبيلة يا ما من الناس اشتكى منها وحن 
كانت من اول كاملة واليوم لقمتها عجين

من جاء نبع لافوقها يا مشتكي لا عند من
هِنّـا كرامتها وهانتنا ولا احنا داريين

للقبيله مفهوم متميز وللعقدة غون
وللمواقف وزنها عند الرجال البارزين

ومن منع نفسه هواها ساقته حيث الوهن
ومن أراد العز عودها على شدة وليّن
ــــــــــــــــــــــــ
وقد كان الجواب رائع بجميع بنوده وتفاصيله وأوقفني بيت فيه يتضح مقدرة الشاعر على اختصار عدة ابيات في بيت حيث قال من ضمن مقدمة الجواب

يـ احمد وصل مرسولكم عندي وقيـل وافتهن
ادا الرسالة واستلــــــــم ردي وودعته بحين

اسلوب راقي في اختصار موضوع متكامل في بيت شعري وهذا دليل على قدرة الشاعر الابداعية رغم انه لم يصل جمهور الشعر غير هذا الجواب فقط للشاعر عبر القصائد المغناة وقد يكون لديه مخزون شعري لم يرى النور
وردا على ما ورد في البدع يقول الجواب

حيا الحروف الواصلة ذي منتظرها من زمن
يا كم تشوقنا لها من بعد غيبتها سنين

والقبيلة عند القبائل جزء من ضمن البدن
ومن فقدها حسب مفهومي من المتشوهين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و من قصيدة أخرى تحكي زيارة الشاعر لوادي الدور وحصل له هو ورفاقه حادث مروري من احد المتهورين في قيادة السيارة

ليت القدر وجه لنا سابــــق انذار
احمل معي عطبه وشاشه وتنتور

ويقول

محجور يا اللي مامعك ذوق محجور
من الخليـــــــــج اقبلت زايغ ومنهار

وهو يشير الى المتسبب في ذلك الحادث

وقال تعبيراً عن المعلم السياحي البارز في مديرية العدين (وادي الدور) الذي قام بزيارته وهو الوادي الذي تغنى به كثير من الشعراء

أهني لعينه ذي سكن وادي الدور
يسجع مع طير الحمامين ما طار

وادي سقاه الله بالخير مشهور
كم زينه ربي فواكه وأشجار

يا ربنا تحميه من كل محذور
من أجل يبقى دايم الخير مدرار

كان هذا ما تم اختياره في هذه النفحة الشعبية معترفاً بتقصير كبير في الطرح واكتمال النصوص ولعل ما نتمناه هو ان تصل الفكرة ويجد كثير من الشعراء الاهتمام بأبجديات قصائدهم وايصالها لشريحة كبيرة من عشاق هذا اللون من الشعر

وليد بن زيد المصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر أحمد عمر مكرش

 #قصيدة_وشاعر  #الشاعر_أحمد_عمر_مكرش #مجلة_أقلام_عربية العدد (96) ديسمبر 2024م إعداد وليد المصري  الشاعر أحمد عمر مكرش، مواليد عام 1938م بقر...