نفحات من الشعر الشعبي:
نفحات من الشعر الشعبي (30) الأخيرة
إشارات موجزة تتضمن بعض إبداعات رموز هذا اللون من الشعر، ولمحات عن سيرتهم الذاتية، ومكانتهم الأدبية كان ذلك هو الهدف من هذه النفحات، بالإضافة إلى اختيار تلك الإبداعات كنماذج لمجموعة من فنون هذا اللون من الشعر، وخصائصه الموضوعية خلال رحلة نختتمها مع رمز من رموز الشعر والأدب، وأحد رواد القصيدة الغنائية في الوطن
كثير من شعراء القصيدة الغنائية ونتيجة لعدم تدوين إنتاجهم الشعري لعدة ظروف كانت تحيط بهم في ذلك الزمن سواءً شخصية أو عامه تسبب ذلك في ضياع جزء كبير من إبداعاتهم وتعرض جزء آخر للتحريف والانتساب للغير أو لمجهول كما هو حال غالبية نصوص التراث الشعبي وشاعرنا لهذا العدد ناله ما نال غيره رغم تناوله بواسطة مجموعة من الأدباء اليمنيين والعرب في كتاباتهم، ومدوناتهم، وإصداراتهم التي تحدثت عنه وعن تاريخه الكبير، ورغم شهرته واتساع نطاق انتشار قصائده.
الشاعر يحيى عمر الجمالي (اليافعي)
-لاتوجد معلومات مؤكدة عن تاريخ ميلاده إلا إن أغلب المصادر تتفق على أنه ولد في العام الهجري 1062 وتوفى عام 1152هـ تقريباً
وهو ينتمي لقبيلة يافع التابعة لمحافظة لحج
- شاعر، وفنان، وملحن جاب البحار والديار في أكثر من بلد عربي وأجنبي، وترحاله المستمر كانت تعبر عنه قصائده وكان الحنين إلى موطنه يجعله لا ينساه في أكثر من قصيدة، ولا زالت الألسن ترددها ورموز الفن تتغنى بها وعلى مدى أربعة قرون.
وقد جاب كثيراً من المدن والمراسي في اليمن والجزيرة والخليج العربي. وكان المهجر الهندي أخصب مراحل حياته الشعرية والفنية، بل والشخصية، فقد تزوج هناك من جاليه يمنيه من أهل حضرموت وعاش أكثر من 16عاماً وأجاد اللغة الأورديه والغناء الهندي وكان الهنود يطربون لألحانه التي يغنيها ومن هنا نستنتج كثرة الحكايات عن مغامراته العاطفية وإعجاب الفاتنات الهنديات به وبفنه، وقد تنقل بين كلكتا ومدراس وحيدر اباد ودلهي وممبي وبونا وغيرها من المدن الهندية التي عرفها وعرفته شاعراً عاشقا وعازفا وملحناً وفناناً يأسر الأنفس ويشجي قلوب العاشقين. ومع كثرة أسفاره في الهند أو في غيرها من البلدان والمدن والمراسي التي قصدها أو مكث فيها في تنقلاته وأسفاره الكثيرة، فإنه لم يقطع صلته بوطنه.
- شاعر تتجدد أبياته بمضمونها عبر العصور لما تحتويه من ولع وهيام، وآهات وأشجان، وتعابير تنفذ إلى النفوس فتطربها، ومن روعتها لا تصنع حاجزاً بينها وبين المتلقي في عموم الجزيرة العربية.
قصائده:
- يحيى عمر يعتبر مدرسة شعرية وفنية، وليس من السهل إنصافه في مقال محدود، وتعتبر هذه الإشارات لمحة عن أحد رموز الشعر الشعبي الحاضرين في وجدان الشعوب جيلاً بعد جيل
نماذج من قصائده
"شفت خلّي بدا لي"
قال يحيى عمر يوم السعادة والافراح
شُفت خلّي بدا لي
راعي الهيكل المحلي وله حجل صياح
يا قمر يا هلالي
لا يغرك شبابك والهراء والتمداح
لا لحد قلب سالي
قلت يا راعي الغرسين حل التشراح
صرفتك حرف بالي
ساهني الهوى مطلق لمن جا ومن راح
ما رواكم نصالي
مركب الهند شاحن من قرنفل وتفاح
قلت ذا لك وذا لي
ذا خرج فصل والثاني بصوت الغنا ناح
ذي سجع سل حالي
ناح ذكرني أيام الصفا والتفساح
حتى ذيك الليالي
هاش عقلي وصوب القلب ماكن وسياح
عذب ما له مثالي
جعده أسود أدق راوي وبالطيب نفاح
فوق متنه رسالي
خشم خنجر سلب مزعول لا صاح صياح
للبلا والقتالي
مبسمه مثلما بارق دجا ليل لماح
فوق روس الجبالي
"الجوده لها موضع"
يقول ابو معجب الجوده لها موضع
كموضع الدر والتبر الذي موزون
والقبيله والكرم والجود لـه منبع
مثل المعادن لها في شأنها عرجون
لا تصحب إلا الذي في حاجتك ينفع
عزام جزام ما يخرج عن القانون
واحذر من الفسل لا ينفع ولا يشفع
ولا تلاقيه واسمه عندنا الكيهون
"قف يازين"
يحيى عمر قال قف يازين
سالك بمن كحل اعيانك
وشكلك بالحلل شكلين
وشل لولك ومرجانك
من علمك يا كحيل العين
من ذا الذي خضب ابنانك
وأنت يا بارز النهدين
وقفت انا تحت روشانك
الورد شفته على الخدين
وهو مطرح على اوجانك
لا ذقت حبه ولا ثنتين
ما شفت وردك ورمانك
حملت يحيى عمر حملين
وصار تعبان من شانك
يامركب الهند بو دقلين
يا ليتني كنت ربانك
بادخل بك الشام والبحرين
واحمل المال في خانك
با نقسم الفايده نصفين
الله يخون الذي خانك
لك قسم في قسم في قسمين
وقسم زايد على اخوانك
يا ليت لي في حياتك دين
باسير واجي على شانك
ختم القصيدة بذكر الزين
بكره نقيل بديوانك
:
ليت الهند في يافع
يحيى عمر قال ليت الهند في يافع
أو ليتكم بأرض يافع يا اهل هندستان
ما كان أنا شي من أهلي والبلد ضايع
وانْ سِبْتُكُم قال لي ذا القلب عُود الآن
وكم وَنَا بالمراكب نازلاً طالع
تلعب بي أمواج بحر اللُّول والمرجان
ما شي لبحر المحبَّه والهوى رادع
لو هاج يسري به العاشق عجب ولهان
به هِمْتْ من صُغر سنّي خط لي جازع
بالحُب رحَّال ما بالحُب شي نُكران
والليله انضقت وأمسى نومها فازع
كيف الخبر كيف يا ذا الهندي النعسان
ذكَرت واشتاق قلبي لا جبل يافع
مُشتاق للأهل والأحباب والخلاَّن
للأرض ذي حلَّهَا كَم مِن نمر شاجع
لضيفها نور أما للعِدا نيران
"الحب حالي"
أبو معجب يقول العشق حالي
ولكـن عـــــاد له نزله وطلعه
وله أيضاً سهر طــول الليالي
ودمـع العين دمعه فوق دمعه
ومن حب الصبـــايا لا يبـــالي
ويخضـع للهوى ألفين خضعه
ولا يختـاف من طعن النصـالي
ولا تدخل معه في القلب فجعه
أنا يااهــل الهوى قلّ احتيالي
حبيبي ما اعترف لي كيف طبعه
ملكني هاشني زيـن المشالي
وقطّــــع مهجتي سبعين قطعه
أنا المملوك له حـالي ومالي
وكلّي صرت في طاعه وسمعه
وقامه مثـــل الأغصان الطوالي
سقى الله طينها من كـل فرعه
وله عينين صنعة ذي الجلالي
تمـــــاوج دمعها كرعه بكرعه
جبينه مثلما بـــدر الهــــلالي
يعــــاند في المسامر كل شمعه
وعجزه ميل أبو سبعه دقالي
تســافر للمخاء سرحه ورجعه
وريقه طبّ لَكْبـاد العـــلالي
عسل جردان صافي وسط شرْعه
وعنقه مثلما عنق الغــــزالي
نكـــع من قانصه عشرين نكعه
وصلى الله على بــدر الكمالِ
محمد ذي عطــــــــاه الله شفعه
"الغزال اليفرسي"
يا الله يا مخضر أغصان اليبُوس
سالك تسامح خطأ ذنب المُسي
يا رب خارجتنا من كل بُؤس
في ساعة الضيق كُن لي مؤنسي
وأذكر نبي كلما هَبّ النَّسُوس
وما قرأ قارياً في المدرسي
يحيى عمر قال عذبت النفوس
لمه لمه يا الغزال اليفرسي
خلَّيت يحيى عُمَرْ يردف نهُوس
يبات سهران جنح الحندسي
يشكي ويبكي وينظمها هجُوس
أبيات نظم الغزل من هاجسي
عليك يا غُصن في الحائط ينُوس
يا خوط بان القنا يا مايسي
فَتْفَتّ قلبي وقطَّعته بموس
من حين تقبل بحُزبه شركسي
سعيد مَنْ كان في خدَّك يبُوس
وفي نعيم البدن يتلمَّسي
وإلاَّ عسى لي يقع عندك جلوس
نذكِّر القلب فيما قد نسي
يا من جعيدك على أمتانك سلوس
مُعَرْكَس أرْكَس نَكَس به مكتسي
وغُرَّتك قاهرة ضوء الشموس
والبدر يمسي عليها حارسي
ما واجب أقراص ترمينا نكُوس
سهوم مسموم حربان ادرسي
والموت بأعيانه الدّعْج النعُوس
حمراء سكارى فواتر لُعَّسي
يطلق جُلَيْلات من طرفه خِمُوس
من العيُون الفتور النُّعَّسي
والأنف خنجر لقطَّاع الرؤوس
في يد شاجع جَبَر متحمّسي
وخدود نابت بها ورد الغروس
مترنجه من زهور الرَّنجسي
ومبسمه مثلما برق الغلوس
اسقى بساتين كانت يابسي
وريقه السلسلي سُكَّر نقُوس
بين الجَنَس والشفه يتمسمسي
والعنق جفَّال في المرعى يحُوس
يشرب صَبَا خير مِنْ عذب الحِسِي
والصدر ميدان للضُمَّر تدُوس
خيُول عباس كمَّن فارسي
وأكعاب يشكين من أزرار اللبُوس
ومن عقود الذهب والسُندسي
والبطن سُوسي لمن عَدّ الفلوس
غريب الاجناس شغل البهنسي
والخصر ميَّال من عُود البنُوس
لا هَبّ ريح الصبا يتغليسي
المصادر
ـــــــــــــــ
1- د.علي صالح الخلاقي عبر صفحته الشخصية(facebook)
2- مدونة الكاتب جمال السيد بصفحات الويب
3- منتدى المجلس اليمني www.ye1.org
4- موقع البعد الرابع
http://albaud4.net
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق