بقلم الأستاذ عبدالرزاق الكميم
من المعروف أن إعلام ـ مايسمى ـ بـ(السوشل ميديا ) أزال الإحتكار الذي كانت تمارسة بعض النخب التي اعجبني توصيف شخوصها بـ (سائقي القاطرات )في إشارة إلى حديثهم المتعالي على الغير.
كانت هذه الفئة وحدها ،هي من يملك أدوات الصحافة والإعلام ، ومن الصعب على غيرها أن يطل بأفكاره على العالم .
لقد كُسِر الجمود وحطمت القيود ، وبالذات في هذا الفضاء الافتراضي الأزرق، الذي مايزال هو ميدان البسطاء الأكثر ازدحاما .
ورغم أن هذه النافذة قد أطلقت عنان التفاهة لتصبح هي أبرز عناوين هذه الحقبة في العالم بأسره.
إلا أن أحداً لا يستطبع أن ينكر أن الكاتب اللبيب والشاعرالمبدع، بات بإمكانه النفوذ الى أبعد مدى في الأفق المفتوح .
كثيرون وصلوا ألى قلوبنا وأثبتوا حضورهم بقوة،
غير أن معظم كتاباتهم ـ على روعتها ـ ليست سوى خواطر عابرة، ذات صلاحيات موقتة، كحليب رصابة، أو زبادي نانا.
ما يميز الأخ وليد المصري أنه واحدٌ ممن يكتبون لتبقى كتاباتهم ،
إنه يكتب للوطن، يوثق لمرحلة تاريخية مهمة.
لقد قام بعدة محاولات فردية للطيران ،وهاهو ينجح في التحليق في سماء الموروث الأدبي الشعبي ويقوم بعمل وطني مهم ،في ظل غياب الوعي الجمعي بأهمية هكذا عمل .
على سبيل المثال ، أصحاب رؤوس المال والأعمال ـ هنا ـ لايدركون أن هذه واحدة من عدة مسؤليات وطنية وأخلاقية تقع على عواتقهم ، حتى في ظل وجود مؤسسات الدولة .
ـ كل دول العالم المحترمة تقدّس موروثها الشعبي وتسعى إلى إحيائه ،وتتباهى به سواء كان أدبيا، أو أجتماعيا،أو فنيا أوغيره..
( نفحات من الشعر الشعبي اليمني)
خطوة مباركة يخطوها المصري في الطريق الذي سلكه بعض من يعرفون أهمية هذا المجال ، أمثال رائي اليمن
الكبير البردوني ، وبوابة العالم إليه المقالح .
و غيرهم من الباحثين والأكاديميين أمثال ،
علي محمد عبده،
وحسين سالم باصديق ،والأكاديمي المعروف محمد سبأ ،و غيره .
ولكن حجم الموروث أكبر من أن تحتوية بضعة كتب .
وهنا يجب أن نسجل أشادة مستحقة بمؤرخي ورجال أعمال منطقة (يافع ) ، حيث نراهم يقومون بتوثيق كل صغيرة وكبيرة بشكل دائم.
نعم
تشرفت بالمراجعة اللغوية لهذا العمل ، ولكني وجدت المهمة سهلة ،وذلك بسبب مرور المادة على فلاتر مجلة أقلام عربية، قبل جلوسها القرفصاء بين يدي.
ومجلة الأقلام غنية عن التعريف ، أقل مايقال عنها أنها باتت تمثل أحد أهم المنابر الثقافية والأدبية على المستويين المحلي والإقليمي .
مالفت انتباهي في الكتاب ، هو جزالة القصائد المختارة، وقوتها وندرتها ، الأمر الذي يدل على أن الكاتب قد تخصص في هذا الشأن منذ وقت مبكر ،
ستعرف من ثنايا الكتاب ـ أيضاً ـ أن صاحبه شخص متمكن يملك إرادة قوية، ويتمتع بمرونة عالية، الأمر الذي مكنه من الوصول الى العديد من المناطق اليمنية المترامية الأطراف،
ومن ثم قام توثيق عدة قصائد مهمة رغم أن الموت قد غيّب الكثير من قائليها .
بل لقد استطاع الكاتب والشاعر وليد أن يبث الروح في اشرطة( الكاسيت) من جديد وهي التي ماتت منذ زمن وهي حبلى بالجمال .
شكرا لهذا القلم الأنيق، لقد استخرج لنا من بطونها لبنا خالصا سائغا للشاربين ، ساعده على ذلك خبرة الباحث المقتدر ونشاطه.
أحييه على هذا الإنجاز ، وأحيي مجلة أقلام عربية على مساعدته ،و أدعو الزملاء الذين يهرولون وراء الترندات المليئة بالهراء ،أن يسلكوا طريق التأليف والتدوين ، ويقوموا بإجراء البحوت المستفيضة والمستدامة ، والدراسات التي لاينال الزمن منها ، سواء في هذا المجال ،أو غيره.
حينئذٍ سنحصل على مراجع مهمة تفيد الأجيال القادمة.
----------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق