الاثنين، 31 أغسطس 2020

يالحيود السود غني لمقبل

 بقلم وليد زيد المصري 


يا الحيود السود غني لمقبل 

ذي طرح راسه وضم الوداعه 

قد حلف بايمان ما يترك البل

والفساله طول والموت ساعة 


لمن اراد معرفة القصة الحقيقية لهذا الزامل وايضاً الكلمات الاساسية قبل الاضافات بسبب انتشاره وتداوله بين الناس عليه الإطلاع على المقال التالي الذي تم نقله من مصدره 


وللعلم سبق وان نشرت في صفحات مجلة اقلام عربية عن الرزفة الشعبية واشرت الى ان الزامل قيل في احد ابناء قبيلة خولان ووصلتني بعض التوضيحات ونحن هنا نعيد نشر الزامل مع القصة الحقيقة له 


👇👇👇👇


((ياهروبيات غني لمقبل ))


كان الشيخ صالح جبران أحد مشائح منطقة غليل الاعماس- الحداء- ذمار- واحد من أثرياء المنطقة الشرقية بما يملك من غنم وإبل وفراش وحبوب، والتي كانت حينها ( أواخر دولة الإمام يحيى حميد الدين) هي معايير الثراء في أوساط سكان المناطق الشرقية والشمالية من اليمن وقد وهبه الله المال والبنون حيث رزق بخمسة أولاد.

كان صالح جبران مقصداً لجميع القبائل المحيطين به لإقتراض الحبوب والأموال منه- ومن هؤلاء فخذ من قبيلة آل نجران- بني ضبيان الذين يسكنون منطقة(لمذه) المجاورة لبلاد الأعماس – الحداء.

إقترض آل نجران كمية من الحبوب من صالح جبران، وبعد فترة كتب إليهم يطالبهم بتسديدها فيما قالوا هم أنهم قد سددوه، ومن هنا نشأ الخلاف بين الطرفين.

دعاهم صالح جبران( مدعى القبائل) ثم ضافهم ضيف حق ثم دعى عليهم أصحابهم ونشدهم فأنكروا آل نجران وأصروا أنهم قد سددوا ما لديهم من ديون وبذلوا اليمين- ولأنه لم يكن بيد صالح جبران مايثبت به عليهم فلم يكن أمامه إلا قبول اليمين منهم بأنهم قد سددوا، واعتبر صالح جبران أن هذه النتيجة غير مقبولة فاعلن انه صبار( صابر) على نفسه وحقه.


وبعد فترة من الزمن بلغ جبران أن آل نجران سافروا بجمال لهم إلى صنعاء لنقل الحطب وبيعه هناك وشراء مصاريف لهم ولأقاربهم ( وكانت هذه هي عملية المقايضة التجارية الوحيدة بين العاصمة ومناطق الأعماس- بني ضبيان- مراد... وغيرها).

كان عدد جمال آل نجران اثنتين- وتأكد لصالح جبران أن غرماءَهُ آل نجران سوف يعودون إلى بلادهم عن طريق( وادي هروب) وهو وادٍ ضيق في الطريق إلى منطقة الأعماس لا يمكن لأحد الفرار منه أو تجاوزه فطلب من أولاده أن يرتبوا كمين لآل نجران ويراقبوا الطريق في الوادي ويأخذوا جمال آل نجران عند عودتهم من صنعاء، وبواسطة الحس الأمني والذكاء الفطري الناتج عن عوامل الخوف والثأر لدى سكان المنطقة، وبإعتبار أن تناقل المعلومات وتبادلها بدقة وحرص كان إحدى الصفات التي يتمتع بها هؤلاء- فقد أحس آل نجران، أو أنهم توقعوا أن الطريق مقطوعة عليهم. مما جعلهم يرسلوا جمالهم مع مقبل الجشوش وهو من جبل الأعماس- الحدا- والذي كان عائداً إلى المنطقة من صنعاء بعد أن باع الحطب ومعه جماله، وربما أن آل نجران استغلوا عدم الإرتياح بين مقبل الجشوش وصالح جبران وبإعتبار أن منطقة جبل الأعماس أقرب إلى بلادهم من غليل بلاد صالح جبران- وكان من المقرر أنهم بعد أن يرسلوا جمالهم مع مقبل الجشوش أن يسلكوا طريقاً آخر إلى بلادهم وبعدها يذهبوا إلى جبل الأعماس لأخذ جمالهم وقد أوضحوا لمقبل الجشوش أن أولاد صالح جبران قاطعين عليهم الطريق في وادي هروب وأنهم حريصون على عدم الدخول معهم في مشكلة.

وافق مقبل الجشوش على أخذ جمالهم بدافع الوفاء القبلي وبدون أي مقابل وسافر عائداً بجماله وجمال آل نجران حتى وصل إلى وادي هروب، وعند ما شاهدوه أولاد صالح جبران استوقفوه قاطعين عليه الطريق بعد أن عرفوا أن جمال آل نجران معه وطلبوا منه التخلي عن جمال آل نجران وتركها لهم سلامة لنفسه. فقال لهم:

- هذه وداعه وأمانه معي ولا يمكن أن أتركها.

حاول أحد أولاد صالح جبران أن يقطع خطام جمال آل نجران ويفصلها عن جماله لأخذها فضربه مقبل الجشوش بيده فبادر الإخوة الأخرون بإطلاق النار عليه.

حاول مقبل الجشوش أن يرد على إطلاق النار فلم تمكنه إصابته من الرد حيث نزف دمه فأخذ يضرب بيده على رقبة البعير وهي ملطخة بالدم وارتجل الزامل المشهور الذي قال فيه:


يالمصنعه واشعاب حوره

===== علّي على عيب الغليلي

طرحت راسي عند بلي 

=====ياعيس حني واشهدي لي


عند سماع إطلاق النار، هرع سكان وادي هروب إلى المكان الذي وقع فيه الحادث فوجدوا أولاد صالح جبران هاربين ولديهم اعتقاد أن مقبل الجشوش أصيب فقط ولم يمت- سلموا إحدى بنادقهم( حكم) لأهل هروب قائلين لهم:

نحن غرماء مقبل الجشوش وهذه بندق لكم يا أهل هروب فيما يلزم لكم باعتبار أن الحد حدكم، واكتفى أهل وادي هروب بالبندقية وبأعتراف أولاد صالح جبران بأنهم غرماء مقبل الجشوش.

وصل خبر مقتل مقبل الجشوش إلى والده الذي كان كبير السن أعمى طريح الفراش لا يغادر منزله فاعتبر ذلك فخراً له وإنْ كان قد حزن حزناً شديداً على فقدان أكبر ولديه الوحيدين.


وقال في زامل مشهور:


ياهروبيات غني لمقبل

==== ذي طرح رأسه وضم الوداعه

قد حلف بأيمان مايدي البل

===== الفساله طولْ والموت ساعهْ


وبأموال صالح جبران وجاهه ووجاهته تمكن أن يجمع عدد من المشائخ مثل أحمد بن علي بن شديق ويحيى بن ناجي الرويشان ومحمد بن عبد الله الصوفي.. وغيرهم لطلب توسطهم لحل القضية بعد أن بلغه مقتل مقبل الجشوش وفتح بيته في غليل واتسع الوساطات كلها وغرم لهم- وتم الحكم عرفياً بالمحدش في العيوب والعتوب فقط وبقي الدم فوق صالح جبران وأولاده وغرم غرامة في صنعاء بعد أن تم توقيفهم في زراجه- الحدا التي كان العامل فيها هو السيد أحمد بن حسين الهجوه الكبسي.

بعد قطع العيب وحيث لم يبق الا الدم فقد توسط صالح جبران من جديد بكلٍ من الشيخ أحمد بن علي بن شديق وكاتب الإمام القاضي أحمد عبد الملك، ونقل إليهم كل ما استطاع نقله من الحبوب والفراش والسلاح والأغنام.

وأخيراً اصدر الإمام إلى عامل زراجه يطلب والد مقبل الجشوش أو أخوه أحمد للوصول الى صنعاء لاستلام دية مقبل نقداً وقطع القضية- وليتم بعدها الرقم بينهم وإطلاق أولاد صالح جبران من السجن.

وبالفعل وصل عسكري من زراجه إلى بيت الجشوش في جبل الأعماس وفي الوقت الذي كان فيه أحمد غائباً عن المنزل وسأل والد مقبل الجشوش زوجة ولده أحمد عن العسكري وما يريد؟ فقالت له:

يريد أن يذهب أحمد لاستلام دية أخوه مقبل من صنعاء.

بكى الوالد الضرير بكاءً شديداً وهو يردد الزامل السابق

( ياهروبيات غني لمقبل... الخ) وقال:

والله لو كان أحمد مكان مقبل ما ذهب لإستلام ثمن أخوه في المسب وأنه كان قد اخذ بثأره.

وصل أحمد الجشوش إلى البيت وأخبرته زوجته بالعسكري وبما قال والده قبل دخوله إلى البيت فقال لها:

ناوليني بندقيتي وأعطوا العسكري كفايته ولا تخبري أحداً عني وطلب منها أن لا تخبر والده اذا سأل عنه فتقول له أنه لا يزال خارج البيت.

اخذ أحمد الجشوش بندقيته وغزى إلى غليل واختفى في مكان قريب من بيت صالح جبران لرصد المكان ومراقبته وعند المغرب فيما كان صالح جبران يتأكد من دخول الغنم إلى زرائبها التي تقع أسفل الصرم ثم يصلي المغرب والعشاء ويطلع إلى بيته ومع دخول الليل على سهار وبداية حلول الظلام فاجأه أحمد الجشوش وظهر أمامه صالح جبران:

الليل.. ومن ؟! ( وهي عبارة تقال لمن لم يتم التعرف عليه خلال الليل).

فقال أحمد الجشوش: صديق!

قال صالح جبران: ما في الليل صديق.

فقال أحمد الجشوش: صاحب الدين جاء لدينه

وبادره بإطلاق النار فأرداه قتيلاً – واختفى في مكان قريب حتى يتأكد من مقتل صالح جبران فسمع أحد سكان الصرم يهتف بهم ويقول:

"صالح جبران مقتول يا أولاد العون".

قيل أن صالح جبران لم يمت مباشرة غير أن الإصابة أدت إلى وفاته وأنه قد قال في زامل مشهور يوصي أولاده بالأخذ بثأره :


قال أبو حسان يارزح جنبي

==== لا نسيتوني فما انتو عيالي

عابت الغربان بعد القواعد

====باتقاضي الدين سود الليالي


- عموماً – عاد أحمد الجشوش إلى منزله في تلك الليلة وقال لوالده:

ماذا يريد العسكري؟!

قال الوالد: يريد أن تذهب لإستلام ثمن أخيك مقبل.

قال أحمد: وماذا في نفسك؟!

قال الوالد : نفسي في رأس صالح جبران

قال أحمد بابشرك به بدل مقبل

أخذ الأب يبكي من الفرح ويحتضن ولده أحمد يتحسسه ويشمه ويردد الزامل السابق( ياهروبيات غني لمقبل........ الخ)

وقال لولده أحمد : اذهب مع العسكري ولا يهمني حتى لو أعدمتك الدولة وحتى لو ذهب كل ما أملك من مال وحلال وعيال فقد طابت نفسي بعد علم صالح جبران.

ذهب أحمد الجشوش مع العسكري وأودع السجن في زراجه ودافع عن نفسه بأن الأحكام والقواعد العرفية( التي قصدها صالح جبران في زامله) قد قضت بالعيب والحشم وأن الدم كان لا يزال عند صالح جبران وأنه قد أخذ بثأر أخيه .

ثم مكث فترة في السجن وخرج بعدها لتنتهي أسطورة جبران التي كانت في نظر قبائل المنطقة الشمالية الشرقية أسطورة بالفعل لما وصل إليه من جاه ومال وعيال.


المصدر 

ــ ــ ــ 

شهادة من الريف /الشيخ علي علي الرويشان-1997م

المجلس اليمني/ أ وليد العمري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر أحمد عمر مكرش

 #قصيدة_وشاعر  #الشاعر_أحمد_عمر_مكرش #مجلة_أقلام_عربية العدد (96) ديسمبر 2024م إعداد وليد المصري  الشاعر أحمد عمر مكرش، مواليد عام 1938م بقر...